الكنسية دولة داخل الدولة!

الإمام الأكبر يستقبل مرشد الإخوان وأعضاء مكتب الإرشاد.. ويؤكد ...
الطيب يستقبل بديع وعاكف في مشيخة الأزهر - 3 مايو 2011م

في برنامج تليفزيوني صباح اليوم أكد د. محمد أبو الغار والكاتب الصحفي سامح فوزي، أثناء حديثهما عن أحداث كنيسة إمبابة أن:

"الجماعات الإسلامية والكنيسة دولة داخل دولة، وأنهم صنيعة النظام السابق لأسباب منها عدم قدرة النظام السابق على تأدية خدمات للمواطنين، فيلجأ المواطن للجماعات أو الكنيسة والتى تقوم بهذا الدور".

انتهى كلام أبو الغار وفوزي.

 

مصطلح "دولة داخل دولة" يحتاج إلى تفسير وتوضيح وتعريف وتحرير للمفهوم أكثر، ولا يجب استخدامه (عمال على بطال) لأنه مصطلح خطير جداً ، وللعلم هذا المصطلح من صنيعة النظام السابق وأول من أطلقه وأول من استخدمه رجال النظام السابق.

 

فما معنى أن الكنيسة دولة داخل دولة؟

هل للكنيسة قانون تسير به يخالف ما تسير به الدولة المصرية، أم يقصد أن الكنيسة لا تلتزم بما تفرضه الدولة عليها أو على أفرادها، أم معناه أن الكنيسة تتعامل بموقف الند أو الخصم مع الدولة المصرية.

وهل تعتبر زيارة مسؤولين حكوميين للكنيسة زيارة رسمية كوفد دبلوماسي قادم من دولة لزيارة دبلومسايين ومسؤوليين دولة الكنيسة؟

 

وهل معنى هذا المصطلح أن زيارة مرشد الإخوان وعدد من أعضاء مكتب الإرشاد للشيخ أحمد الطيب هي زيارة رسمية من دولة الإخوان إلى دولة مصر ممثلة في شيخ الأزهر؟

 

ولو تحدثنا عن كلمة "دولة" فقط، فالدولة -كما أفهم- يكون لها حدود معروفة ودستور وقوانين محددة، فأنا أريد توضيح الآن لهذا المصطلح ولا أريد كلام عام وواسع.


فعندما يتحدث أبو الغار أو غيره الكثير مثلاً عن أن الكنيسة دولة يكون يقصد أى كنيسة بالضبط، أيقصد الكنيسة التي في إمبابة أم غيرها؟ أم يقصد أن كل كنيسة دولة مستقلة بذاتها، أم هناك كنيسة رئيسية و لها فروع أم ماذا؟ أم من الأفضل أن نطلق مصطلح إمارة أو دويلة.. إمارة دير الملاك.. إمارة الراعى الصالح.

 

وعندما ننطلق للحديث عن الجماعات الإسلامية، هل يجب أيضا أن نطلق عليهم لقب إمارات، وهل لأنه يوجد فى إحدى المحافظات المصرية مثلاً عدد من المواطنين ينتمون للجماعات الإسلامية فيشكلوا فوراً دولة أو دويلة أو إمارة داخل هذه المحافظة؟ أم ماذا؟ وهل يعتبر مكتب الإرشاد مقر رئاسة الإخوان، والكاتدرائية مقر رئاسة المسيحيين، كقصر العروبة للمصريين والبيت الأبيض للأمريكان؟!

 

أم هل المعنى المقصود لمصطلح "دولة داخل دولة" معنوى أكثر منه مادي؟ ولكن هل الدولة والوطن شئ معنوى أكثر منه مادي؟ وهل لأننى مسيحي وأذهب إلى الكنيسة لأخذ دورة حياكة وتريكو، أو حتى لأحصل على العلاج أكون "مصرياً خائناً" بعت مصر من أجل إحدى الكنائس التي تنتمى لدولة الكنيسة؟!

 

وهل لأننى مسلم وذهبت إلى قافلة طبية للإخوان المسلمين وحصلت على الكشف والعلاج، أو حصلت في أحد مقراتهم على دورة للتنمية البشرية، أكون "مصرياً خائناً" لمصر لأننى تعاونت مع أفراد تابعين لدولة اجنببية؟!

 

هل معنى زيارة وتعاون مسلمين مع الكنيسة ودخول مسيحيين كأعضاء في حزب الحرية و العدالة يعتبر "خيانة عظمى مركبة"؟ فالمسيحى خان دولة مصر و ذهب لدولة الكنيسة ليحصل على خدمات، ثم ذهب بعدها واشترك في حزب أنشأته دولة الإخوان.


وهل يصح أن يُتهم كل مواطن مصري منتمي لجماعة إسلامية أو كنيسة بأنه أصبح مواطن داخل دولة أخرى؟ أليس هذا إتهام بالخيانة والعمالة؟ لمجرد أننى قررت أن يكون هذا فكري أو هذا اتجاهي أصبح خائناً!


لذلك أنا اقترح تعديل المصطلح ليكون "مواطن داخل مواطن" بدلاً من "دولة داخل دولة"! فهذا أرحم للكثير أن يكونوا مصابين بانفصام في الشخصية.. أفضل لهم من أن يكونوا خائنين.

 

جانب آخر.. لا يتحدث عنه أحد مطلقاً.. هل تعتبر الأحزاب المصرية دولة داخل دولة أم لا؟

أوليست الأحزاب أيضاً تقدم خدمات للمواطنين، أوليست الأحزاب أيضاً صنيعة النظام السابق -إذا إتفقنا على مبدأ هذا الكلام أصلاً- ألا يعتبر حزب التجمع دولة داخل دولة، ألا يعتبر الناصريين بحزبهم الناصري دولة داخل دولة؟ ألا يعتبر الليبراليين دولة داخل دولة؟ ألا تعتبر الجمعيات الخيرية دولة داخل دولة؟ هل يعتبر د. أيمن نور رئيس دولة الغد يوجه أفراده لما يريده الحزب؟!

 

من ناحية أخرى.. أتفق بشدة مع إحدى جمل د. أبو الغار، عندما قال: "يجب أن تكون هناك دولة قانون تطبق القانون على الجميع بلا استثناء، على المسلم والمسيحي".

 

هذا فعلاً ما نحتاجه.. العدل في تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء، فالخطأ خطأ ويجب العقاب حينها، والتساهل في الخطأ من أجل تجنب القيل والقال ولإظهار إننا دولة تحترم الأقليات يؤدي إلى خطأ أكبر، فلو أخطأ أحد أفراد الكنيسة فليعاقب مثله مثل أي فرد في المجتمع، ولو أخطأ أحد أفراد الجماعات فليعاقب مثله مثل أي فرد في المجتمع، ولو أخطأ أي فرد أي كان موقعه أو مكانته.. فليعاقب ولتعلن عن جريمته ومدى عقوبته.

 

دولة داخل دولة.. مصطلح جدلي وغير مبرر وجوده الآن.


والأمر مفتوح للنقاش، وأرجو من القراء الإفادة إن كان هناك توضيح أكثر.


بديع يزور شنودة للاطمئنان على صحته - 7 مارس 2012


تعليقات