مصر بين العسكر والمعارضة وخريج التوكتوك

 

ما يحدث هو مؤامرة علينا، وفي حاجة تدبر بليل، والعسكر شكله عايز يغير جلده، وأنا مش مقتنع بفيديو الشاب اللي بيقول أنا خريج توكتوك، وفي لعبة كبيرة بتتلعب علينا! ومش واخدين بالكم من انتشار فيديوهات مماثلة الفترة الأخيرة زي الراجل اللي قلع هدومه!!
هذه بعض الجمل التي سمعتها تعليقًا على فيديو الشاب المصري -خريج التوكتوك- الذي "وصف فأوجز" و"شرح فأوضح" حال مصر تحت حكم العسكر.
وأنت عزيزي القارئ .. كم مرة سمعت هذه الجمل وأخواتها في أحداث ومواقف مشابهة؟ من الجيد جدًا أن لا نقبل أي شئ كما نراه -كما كنا نفعل سابقًا- وأن نسعى للتحقق من كل شئ وفهم كل شئ والوصول لأفضل "تفسير".
ولكن فعليًا وحقيقة فإن من الأولى والأكثر أهمية وخدمة للقضية هو الوصول لأفضل "عمل"، أفضل "تصرف"، أفضل "استثمار" لهذا الحدث أو الموقف من قبلك أنت.
من الممكن أن يكون في الأمر خدعة.. ولكن ليس الحنكة والذكاء والنجاح أن "تكتشفها" وكفى، بل الحنكة والذكاء والنجاح أن "تستغلها" لصالحك بأعلى نسبة ممكنة.
نفترض أن القوى الدولية والإقليمية أعطت الضوء الأخضر لبعض قادة العسكر بإزاحة الجنرال المجنون القاتل ليبدأوا من بعده مرحلة جديدة ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، أنت كثائر أو حزب سياسي أو كيان ضد حكم العسكر ماذا أعددت لمثل هذه ساعة؟

نفترض أن الجنرال المجنون يريد عمل مذبحة كبرى -اشتياقًا للدماء ورغبة في تثبت حكمه بزرع الرعب- فيصنع حالة تمكنه من ذلك .. أين دورك لتلافيها واستغلالها لصالحك لينقلب السحر على الساحر.
نفترض أن جناحا ما -كما يسمى- داخل الحكم العسكري يريد أن يستولي على الحكم من الجنرال بلحة لأنهم يرونه قد أخذ مكانة ومكانًا أكثر مما يستحق، ما هي الخطة التي ستواجه بها الانقلاب على الانقلاب غير كتابة "منشورات وتغريدات" وإطلاق تصريحات تحذرنا فيها أنك كشفت اللعبة.
نفترض أن الأمر يفرط من بين يد الانقلاب الغاشم فعلًا، وأن قطاعات من الشعب لديها استعداد حقيقي للنزول للإطاحة بها، ولكن ليس غالبية الناس من "صناع الأحداث"، هم لديهم أقصى استعداد ليشاركوك في "الحدث الذي ستصنعه" وسيحملونه على أكتافهم ويبذلون أرواحهم لإنجاحه واقتلاع حكم العسكر من جذوره، فهل تقوم أنت بدورك كصانع حدث.
أم أنك تنتظر من يزيل لك حكم العسكر ويأتي بك ليجلسك على كرسي الحكم ويعطيك 100 مليار دولار هدية! ببساطة:

ماهي الرؤية؟ أين الخطة الرئيسية؟ ما هي الخطط البديلة؟ ما هي السيناريوهات؟ في حال تسبب الانقلاب في حرب أهلية ماذا ستفعل؟ في حال استيقظنا صباحًا وجدنا أن الجنرال قد مات موتة طبيعية ما هو رد فعلك .. هل ستخرج بيان تلعنه فيه وتقول ذهب إلى محكمة رب العالمين؟ أم ماذا ستفعل؟

في حال نزل الناس الشارع إلي أين ستوجههم؟ كيف ستقودهم؟ هل لك رموز وكوادر لازالت على الأرض بإمكانها قيادة الجموع ولديها خبرة في فن وعلم التحكم بالجماهير والجموع؟ ما هي أولوياتك؟ ما هي أهدافك التي تريدها أو أهدافك التي تريد أن تذهب إليها؟
أجب فقط على أسئلة الفقرة الأخيرة.. وساعتها حتى لو كان الشاب المصري -الذي أصدقه بالمناسبة- سائق التوكتوك هذا هو ضابطًا رفيع المستوى في المخابرات.. ساعتها ستكون قد تمكنت من خداعه أنت وحققت به أهدافك وأغراضك كاملة.

تعليقات