هل بات مستقبل مصر إما مموهًا أو مشوهًا؟!

بيان انقلاب 3 يوليو 2013
كشفت الذكرى الخامسة للانقلاب العسكري الدموي أن الكل يعمل لمستقبله .. إلا نحن!

إنه الوقت الذي انتظرت - أن أن كثيرين انتظروا معي - أن تخرج علينا قيادات المعارضة والقوى السياسية والحزبية والثورية داخل مصر وخارجها في ذكرى الانقلاب على ثورة يناير (كانون الثاني) وتخبرنا بشيء ما جديد أو فعال ، أو حتى قديم لم تفعله ووجب عليها القيام به ، خاب ظني وانتظاري ، للأسف.

في المقابل .. وفي ذات التوقيت ، خرج علينا عبد الفتاح السيسي بقانون يحمي حاضر العصابة المستولية على الحكم ، ويتخطى ذلك بتأمين مستقبلهم ، فرغم أن أمر الحكم المسلوب يبدو أنه مستقر بين أيديهم ، وأنهم مسيطرون بالفعل على كافة مفاصل الدولة ، لا سيما الاقتصاد والإعلام والأجهزة السيادية والأمنية ، إلا أن هذا لم يمنعهم من المزيد من التفكير في المستقبل ، وتوقع أسوأ السيناريوهات التي من الممكن أن تحدث لهم ، والاحتياط لها ، ليعطينا العسكر الذين دأبنا أن نوصمهم بأنهم 50 ٪ درسًا إضافيًا قاسيًا في قدراتهم وكيف يفكرون في مستقبل حكمهم لمصر ومستقبلهم الشخصي .

كما يظهر إلى أي مدى يفكر السيسي في البقاء على كرسي حكم البلاد ، واستيعابه لدرس ظهور منافسين من قلب الجيش له ، منهم الفريق سامي عنان ، والعقيد أحمد قنصوة ، واتخاذه من الاحتياطات ما يمنع ذلك مستقبلًا ، كما يضفي عليه مزيد من بامتلاكه قانون معاملة كبار الضباط ، عصا سحرية يكافئ بها من أراد ، ويأمن جانب آخرين بمزيد من العطايا والمنح.

بينما نحن - المعارضين لهذا النظام والمناهضين لهذا الانقلاب - غارقون حتى الثمالة في الماضي ، نجتره ، ويا ​​ليته كما يجلب الجمل الماء فيستفيد به جسده فينجو ، بل نجتر ما نسمم به روح وجسد الثورة المريض ، والكارثة أن السم لن يقتل الروح ويهلك الجسد دون أن بشرر الأعضاء ، فهذا درب من الخيال!

إن استمرارنا على ذات المنوال ، من استدعاء الماضي لا لشيء إلا لاستدعائه وفقط ، فلن تنجو حركة ولا حزب ولا تيار ولا جماعة بضياع الثورة ، ولن ينجو حتى فرد بضياعها ، والأخطر أن الوطن نفسه لن ينجو.

إن هذه البطالة السياسية التي تحياها قوى المعارضة كافة تجعل مصر أسيرة أمرين: إما مستقبل مموه ، بمزيد من سيطرة العسكر على مقاليد الحكم ، واقتصاد البلاد ، ورقاب العباد ، أو هو مستقبل مشوه ؛ لأن نخبة أبناء الوطن من مختلف التيارات التي نذرت نفسها للعمل في ميدان السياسة غير متفرغة للتفكير في مستقبل مصر بشكل كامل وشامل.

فتلك النخبة -والتي تعتبر حتى الآن البديل الوحيد للنظام العسكري- لا تملك أي رؤية للأسف لا للحاضر ولا للمستقبل ، وفي حال وصلت هذه الأمور بأي طريقة ووفق أي سيناريو ، وهو أمر وارد حدوثه في أي وقت يؤدي أداءها سيكون كارثيًا ؛ لأنها غير مستعدة ، ولا يوجد لدى أي منها تصور حقيقي لإدارة البلاد وانتشالها مما وصل إليه ، فجميعنا خبراء في وصف المرض ، ولكن من منا قادر على كتابة إجراء جراحة استئصال هذا الورم من الفساد والانهيار الذي أصاب الوطن.

وللإيضاح: لا أمانع على الإطلاق أن نتحدث في الماضي وأحداث الماضي ، ولكني مختلف تمام الاختلاف في منطلق الحديث ، وكان الهدف المكايدي وغيرها من تلك الأمور الصبيانية التي يجب أن نتجاوزها ونتوقف كلنا عن الوقوع فيها ، بينما أرى من وجهة نظري أن أحداث عن أحداث الماضي ، إذا كان المنطلق هو تحسين الحاضر والتخطيط للمستقبل ، هنا توضع أحداث الماضي في سياقها الطبيعي ، دون تهويل أو تهوين ، نستفيد منها ونعمل على تجنب الأخطاء.

لست متشائمًا ولا متحاملاً على أحد ، لكن الوطن لا يحتمل أن نعيد ما حدث من أخطاء وخطايا من الجميع بعد ثورة مصر المجيدة في يناير ، وعلينا العمل من اليوم باحترافية ووفق أسس علمية للتفكير في مستقبلنا ومستقبل شعبنا وبلدنا ؛ حتى يصير مستقبل مصر واعدًا وليس مموهًا ، ومشرقًا وليس مشوهًا.

نشر لأول مرة على "ساسة بوست" بتاريخ 12 يوليو 2018 م.
https://www.sasapost.com/opinion/has-egypts-future-become-distorted/

تعليقات